فصل: فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ فِي مَرَضِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ سَنَةً ثُمَّ يُعْتِقُهُ قَبْلَ السَّنَةِ:

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ سَنَةً ثُمَّ يُعْتِقُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا عِتْقَ لَهُ حَتَّى تَتِمَّ السَّنَةُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ السَّنَةِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ لِمَوْتِ السَّيِّدِ.
قَالَ سَحْنُونٌ فَكَذَلِكَ الْمُخْدَمُ إلَى سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ مِثْلَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ الْمُخْدَمُ الْمُسْتَأْجِرُ مَا لَهُ فِيهِ فَيُعْتَقُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

.(فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ عَبْدٌ):

فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ عَبْدٌ وَيُنْكِرُ الصَّبِيُّ وَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا صَغِيرًا فِي يَدِ رَجُلٍ قَالَ: هَذَا عَبْدِي، فَلَمَّا بَلَغَ الصَّغِيرُ قَالَ: أَنَا حُرٌّ وَمَا أَنَا لَكَ بِعَبْدٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا أَوْ أَرَاهُ عَبْدًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ مَعْرُوفَةً وَحِيَازَتُهُ إيَّاهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: أَنْتَ عَبْدِي، وَقَالَ الصَّبِيُّ: أَنَا حُرٌّ؟
فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ، إنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ يَخْتَدِمُهُ وَهُوَ فِي حِيَازَتِهِ لَمْ يَنْفَعْ الصَّبِيَّ قَوْلُهُ: أَنَا حُرٌّ، وَهُوَ عَبْدٌ لَهُ وَهُوَ رَأْيِي، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ خِدْمَةٌ لَهُ وَلَا حَوْزٌ إيَّاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ: أَنْتَ عَبْدٌ لِي، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ أَنَا لِفُلَانٍ؟
قَالَ: هُوَ لِمَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ فِي أَنْ يُصَيِّرَ نَفْسَهُ لِغَيْرِ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ.
قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ جَارِيَةٍ كَانَ مَعَهَا ثَوْبٌ فَقَالَ سَيِّدُهَا: الثَّوْبُ هُوَ لِي، وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ النَّاسِ: بَلْ الثَّوْبُ ثَوْبِي وَأَنَا دَفَعْتُهُ إلَيْهَا تَبِيعُهُ، وَأَقَرَّتْ الْجَارِيَةُ أَنَّ الثَّوْبَ لَلْأَجْنَبِيِّ دَفَعَهُ إلَيْهَا تَبِيعُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: الثَّوْبُ ثَوْبُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ جَارِيَتُهُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَلْأَجْنَبِيِّ بَيِّنَةٌ عَمَّا ادَّعَى وَلَا تُصَدَّقُ الْجَارِيَةُ فِي إقْرَارِهَا هَذَا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ إذَا لَمْ يَجُزْ لَهَا إقْرَارُهَا فِي مَالِهَا الَّذِي فِي يَدَيْهَا، إذَا أَقَرَّتْ بِهِ لَلْأَجْنَبِيِّ فَكَذَلِكَ رَقَبَتُهَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا بِرَقَبَتِهَا لِغَيْرِ سَيِّدِهَا إذَا كَانَتْ فِي يَدَيْهِ.

.فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي الْعَبْدَ فِي يَدَيْ غَيْرِهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ عَبْدِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَحْلِفَهُ أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ قُلْتُ: فَإِنْ أَقَمْتَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِي وَيَكُونُ عَبْدِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ الْعَبْدَ، فَيَأْتِي الرَّجُلُ بِشَاهِدٍ عَلَى حَقٍّ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي أَعْتَقَ: إنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ يَحْلِفُ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ وَيَرُدُّ عِتْقَ الْعَبْدِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَسْتَرِقُّهُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي ادَّعَيْت عَبْدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدِي، أَيُحَلِّفُنِي الْقَاضِي بِاَللَّهِ أَنِّي مَا بِعْتُ وَلَا وَهَبْت وَلَا خَرَجَ مِنْ يَدَيَّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ مِلْكِ السَّيِّدِ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَكُونُ بِيَدِ رَجُلٍ فَيُسَافِرُ الْعَبْدُ أَوْ يَغِيبُ فَيَدَّعِهِ رَجُلٌ، وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، أَيَقْبَلُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ غَائِبٌ وَكَيْفَ هَذَا فِي الْمَتَاعِ وَالْحَيَوَانِ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ أَيَقْبَلُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إذَا وَصَفُوهُ وَعَرَفُوهُ وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي إذَا وَصَفُوهُ بِنَعْتِهِ وَجَلْوِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَقَمْت الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَدْ مَاتَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ عَبْدٌ لِي، أَيَقْضِي لِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى الَّذِي مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ فِي يَدِي فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ.

.فِي اللَّقِيطِ يُقِرُّ بِالْعَبْدِيَّةِ أَوْ الرَّجُلِ يَدَّعِي اللَّقِيطَ عَبْدًا لَهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ اللَّقِيطَ إذَا بَلَغَ رَجُلًا فَأَقَرَّ بِالْعَبْدِيَّةِ لِرَجُلٍ أَتَجْعَلُهُ عَبْدًا لَهُ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَبْدًا لَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: اللَّقِيطُ حُرٌّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ الْتَقَطْت لَقِيطًا فَادَّعَيْتُ أَنَّهُ عَبْدِي؟
قَالَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُكَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ اللَّقِيطُ حُرٌّ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ فَادَّعَى بِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ حُرٌّ.
ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ فِي الَّذِي يُلْتَقَطُ مِنْ الصِّبْيَانِ أَنَّهُ كَتَبَ فِيهِ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَنْبُوذُ حُرٌّ.

.فِي الْعَبْدِ يَدَّعِي أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَتُحَلِّفُهُ لَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ بِشَاهِدٍ قَالَ: وَلَوْ جَازَ هَذَا لِلْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ لَمْ يَشَأْ عَبْدٌ وَلَا امْرَأَةٌ إلَّا أَوْقَفَتْ زَوْجَهَا وَأَوْقَفَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ كُلَّ يَوْمٍ يُحَلِّفُهُ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَإِنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ فِي الطَّلَاقِ أَتَرَى أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ؟
قَالَ: إنْ كَانَتَا مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ رَأَيْتُ أَنْ يَحْلِفَ، يُرِيدُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَا أُمَّهَاتِهَا أَوْ بَنَاتِهَا أَوْ أَخَوَاتِهَا أَوْ جَدَّاتِهَا أَوْ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا بِظِنَّةٍ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْعِتْقِ؟
قَالَ: نَعَمْ، مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الطَّلَاقِ.

.فِي إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ عَبْدًا وَيُنْكِرُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ وَرَثَةً نِسَاءً وَرِجَالًا، فَشَهِدَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَجَحَدَ ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا إقْرَارُهُ.
قُلْتُ: وَيَكُونُ حَظُّهُ مِنْ الْعَبْدِ رَقِيقًا لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ أَقَرَّ هُوَ وَآخَرُ مِنْ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُنْظَرُ إلَى الْعَبْدِ الَّذِي شَهِدُوا لَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ وَلَيْسَ لِوَلَائِهِ خَطْبٌ، جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً وَرِجَالًا، وَإِنْ كَانَ لِوَلَائِهِ خَطْبٌ.
قَالَ مَالِكٌ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ نِسَاءٌ؛ لِأَنَّهُمْ يُتَّهَمُونَ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ نِسَاءٌ وَكَانُوا كُلُّهُمْ رِجَالًا مِمَّنْ يَثْبُتُ لَهُمْ وَلَاءُ هَذَا الْعَبْدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى عِتْقِهِ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَخَوَيْنِ وَرِثَا عَنْ أَبِيهِمَا عَبْدًا وَمَالًا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْعَبْدَ؟
قَالَ مَالِكٌ: الْعَبْدُ رَقِيقٌ، كُلُّهُ يُبَاعُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا بَاعَاهُ جَعَلَ هَذَا الَّذِي أَقَرَّ بِأَنَّ وَالِدَهُ أَعْتَقَهُ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ فِي رَقَبَةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ: أَمَّا إذَا لَمْ يَلْزَمْنِي هَذَا الَّذِي أَقْرَرْتَ بِهِ فَإِنِّي لَا أَبِيعُ نَصِيبِي مِنْهُ، وَقَالَ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ: لَا أَبِيعُ نَصِيبِي مِنْهُ؟
قَالَ مَالِكٌ: يُسْتَحَبُّ لِلَّذِي أَقَرَّ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَيَجْعَلَ ذَلِكَ فِي رَقَبَةٍ إنْ بَلَغَ مَا يَكُونُ رَقَبَةً أَوْ رِقًّا فَيُعْتِقُهُمْ عَنْ أَبِيهِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِأَبِيهِ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَيْهِ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رَقَبَةً؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُشَارِكُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَلَا يَأْكُلُهُ يَشْتَرِيهَا هُوَ وَآخَرُ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، أَيَجْعَلُهَا فِي الْمُكَاتَبِينَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتِقُ بِهَا فِي رِقَابٍ فَيَتِمُّ بِهَا عَتَاقُهُمْ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، زَوْجَةً كَانَتْ الْمُقِرَّةُ بِالْعِتْقِ، أَوْ أُخْتًا أَوْ وَالِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ بِالْعِتْقِ وَحَالُهَا فِي إقْرَارِهَا كَحَالِ الْأَخِ الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ عَبِيدًا كِبَارًا وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ وَالِدَهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ لِبَعْضِ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ، وَقَالَ الِابْنُ الْآخَرُ: بَلْ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ أَبِي لِعَبْدٍ آخَرَ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُمَا أَوْ لَا يَحْمِلُهُمَا؟
قَالَ: يُقْسَمُ الرَّقِيقُ عَلَيْهِمَا، فَأَيُّهُمَا صَارَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ بِعِتْقِهِ فِي حَظِّهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ بِعِتْقِهِ فِي حَظِّهِ وَصَارَ فِي حَظِّ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِقْدَارَ نِصْفِ ذَلِكَ الْعَبْدِ إذَا كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ يَحْمِلُهُ فَيَجْعَلُهُ فِي رَقَبَةٍ أَوْ فِي نِصْفِ رَقَبَةٍ.
قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَعَانَ بِهِ فِي آخَرَ كِتَابَةَ مُكَاتَبٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قُلْتَ: يُبَاعُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَكَيْفَ ذَكَرَ الْقِسْمَةَ هَهُنَا؟
قَالَ: إنَّمَا يُبَاعُ إذَا كَانَ لَا يَنْقَسِمُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَاَلَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إنْ شَهِدَ لَهُ بِالْعِتْقِ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ، أَيُعْتَقُ أَمْ لَا، وَهَلْ يُعْتَقُ نَصِيبُ الْوَارِثِ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْلِفُ هَذَا الْعَبْدُ مَعَ هَذَا الْوَارِثِ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ نَصِيبُ هَذَا الْوَارِثِ وَلَا نَصِيبُ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْوَارِثَ يُؤْمَرُ أَنْ يَصْرِفَ مَا صَارَ لَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِي رَقَبَةٍ إنْ بَلَغَتْ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ جَعَلَهَا فِي نِصْفِ رَقَبَةٍ أَوْ ثُلُثِ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا مِنْ رَقَبَةٍ فِيمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، أَعَانَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فِي رَقَبَةِ مُكَاتَبٍ فِي آخِرِ الْكِتَابَةِ الَّذِي بِهِ يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَبِيعُوا الْعَبْدَ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: لَا نَبِيعُ وَلَكِنَّا نَقْسِمُ وَالْعَبِيدُ كَثِيرٌ يَحْمِلُونَ الْقِسْمَةَ؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْعَبِيدَ وَأَسْهَمُوا، فَخَرَجَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فِي سَهْمِهِ، أَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ فِي سَهْمِهِ أَوْ يُعْتَقُ مِنْهُ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ.
قُلْتُ: بِقَضَاءٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى هَذَا أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَاهُ أَوْ وَرِثَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَابْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ فُلَانًا رَأْسًا مِنْ رَقِيقِهِ.
قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ وَأُعْطِيَ حَقَّهُ وَهُوَ قَوْلُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ أَحْيَانًا يَقُولُ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ وَلَا يُرْغَبُ.

.(فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ):

فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ وَيَدَّعِي الْعَبْدُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: قَدْ أَعْتَقْت عَبْدِي أَمْسِ فَبَتَتُّ عِتْقَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ جَعَلْتُهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ بَتَتَّ عِتْقِي عَلَى غَيْرِ مَالِ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ عِنْدِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَفَيَحْلِفُ الْعَبْدُ لِلسَّيِّدِ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ وَيَحْلِفُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ مِائَةُ دِينَارٍ فَيُعْتَقُ وَتَكُونُ الْمِائَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ الزَّوْجَةِ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا.

.فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ فِي مَرَضِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ؟
فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْتَقْت عَبْدِي فِي مَرَضِي هَذَا أَيَجُوزُ هَذَا فِي ثُلُثِهِ؟
قَالَ: كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ.
قَالَ: فَإِنْ قَامَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ هُوَ صَحِيحٌ، أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى يَمْرَضَ أَوْ يَمُوتَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ إلَّا الْعِتْقَ وَالْكَفَالَةَ فَإِنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ فَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَتَقَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ أُخِذَتْ الْكَفَالَةُ مِنْ مَالِهِ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ قَدْ ثَبَتَ فِي مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَشْهَدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ مُوسِرًا لَمْ أَرَ أَنْ يُسْتَرَقَّ نَصِيبُهُ وَرَأَيْتُ أَنْ يُعْتِقَهُ؛ لِأَنَّهُ جَحَدَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ مُعْسِرًا لَمْ أَرَ أَنْ يُعْتِقَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ تَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ وَكَانَ رَقِيقًا، وَانْظُرْ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَشَهِدَ عَلَى مُوسِرٍ فَنَصِيبُهُ حُرٌّ وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا وَالشَّاهِدُ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الشَّاهِدِ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ».
قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَهُوَ أَجْوَدُ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ.

.فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْعِتْقُ مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ فِي الرِّقِّ لِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ هَلْ يَضْمَنُهَا هَذَانِ الشَّاهِدَانِ وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ يَضْمَنَا لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ يَقُولُ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ.

.(فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا):

فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا عَنْهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا:
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا عَنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ حِينَ اشْتَرَاهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ أَقَامَ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ جَحَدَ، وَقَالَ: كُنْتُ قُلْتُ بَاطِلًا وَأَرَدْتُ إخْرَاجَهُ مِنْ يَدَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

.الرَّجُلِ الْوَاحِدِ يَشْهَدُ لِلْعَبْدِ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِعَبْدٍ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ أَوْ لِامْرَأَةٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا حَلَفَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ إنْ شَاءَا أَوْ أَبَيَا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا سُجِنَا حَتَّى يَحْلِفَا، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ: إنْ أَبَيَا أَنْ يَحْلِفَا طُلِّقَ عَلَيْهِ وَأُعْتِقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يُسْجَنُ حَتَّى يَحْلِفَ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَحَبُّ إلَيَّ فَأَنَا أَرَى إنْ طَالَ سِجْنُهُ أَنْ يُخْلَى سَبِيلُهُ وَيَدِينُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَلِّقُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدًا ادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى ذَلِكَ، أَيَكُونُ لِلْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ يَمِينٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ أَقَامَ امْرَأَتَيْنِ فَشَهِدَتَا عَلَى الْعِتْقِ، أَيَحْلِفُ الْعَبْدُ مَعَ الرَّجُلِ أَمْ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَحْلِفُ الْعَبْدُ وَلَكِنْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ السَّيِّدُ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ: إنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أُعْتِقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يُسْجَنُ السَّيِّدُ حَتَّى يَحْلِفَ.
قُلْتُ: وَتَوَقُّفُهُ عَنْ عَبْدِهِ وَعَنْ أَمَتِهِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَتَحْبِسُهُ حَتَّى يَحْلِفَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا قَالَ لِي مَالِكٌ هَذَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مِثْلَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَتَانِ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ، فَقُلْتُ: وَمَا مَعْنَى قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا؟
قَالَ: لَا تَكُونُ أُمُّ الْمَرْأَةِ وَابْنَتُهَا وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا لَهَا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْعِتْقِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَتْ أُخْتُهَا وَأَجْنَبِيَّةٌ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحُقُوقِ وَهَذَا طَلَاقٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ جُمْلَةً مِثْلَ مَا أَخْبَرْتُكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ فَادَّعَى عَبْدُهُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ فَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَكُونُ رَقِيقًا وَيَحْلِفُ الْوَرَثَةُ إنْ كَانُوا كِبَارًا إنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ.

.فِي الْأَمَةِ يَشْهَدُ لَهَا زَوْجُهَا وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ بِالْعِتْقِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً شَهِدَ لَهَا بِالْعِتْقِ زَوْجُهَا وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا.
قَالَ: فَلَوْ شَهِدَ زَوْجٌ لِامْرَأَتِهِ وَرَجُلٌ أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ.

.فِي اخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ فِي الْعِتْقِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى عَبْدٍ وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي، شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبِي كَانَ دَبَّرَهُ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ أَبِي كَانَ أَعْتَقَهُ صَحِيحًا بَتْلًا، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّهُمَا قَدْ اخْتَلَفَا وَلَا تَجُوزُ فِي رَأْيِي.
وَقَالَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الْآخَرُ: مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَتْلًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ عَنْ دُبُرٍ، فَهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرٍ حَلَفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ سُجِنَ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إلَى سَنَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: بَتَلَ عِتْقَهُ فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى الْعِتْقِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ، حَلَفَ عَلَى شَهَادَةِ الْمُبَتِّلِ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَ حُرًّا إلَى سَنَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ عَجَّلَ الْعِتْقَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ حُبِسَ فَخُذْ هَذَا عَلَى مِثْلِ هَذَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى مَرْزُوقٍ أَنَّهُ عَبْدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَعْتَقَهُ وَشَهِدَ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عِتْقٍ؟
قَالَ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ وَلَا تُرَدُّ حُرِّيَّتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعُبُودِيَّةِ بِأَمْرٍ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ بَيِّنَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْحُرِّيَّةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَ الْعَبْدُ لَيْسَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا هَذَا الْمَيِّتَ عَبْدُهُ وَأَنَّهُ كَاتَبَهُ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ؟
قَالَ: أَرَى شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةً عَلَى إثْبَاتِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَمَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ فَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى أَمَةٍ فِي يَدَيَّ أَنَّهَا أَمَةُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ هَذَا يَدَّعِيهَا، وَشَهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ وَأَقَمْت أَنَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتِي وَتَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ لِمَنْ يَقْضِي بِهَا؟
قَالَ: أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْعِتْقِ، فَإِنِّي أَجْعَلُهَا حُرَّةً وَلَا أَجْعَلُهَا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ شَهِدُوا عَلَى هَذِهِ الْجَارِيَةِ الَّتِي فِي يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَمَّا فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَأَجْعَلُهَا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَهِيَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ: هِيَ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنْ ادَّعَى مِمَّنْ لَيْسَ هِيَ فِي حَوْزِهِ، وَلَيْسَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُعْتَدِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ يَنْتَزِعُ بِهَا مَا بِيَدِي مِنْ أَنْ أَكُونَ لَهُ مَانِعًا لِمَا عِنْدِي وَأَنْ لَا يَضُرَّنِي حَوْزِي وَأَنْ لَا تَكُونَ حُجَّةً لِغَيْرِي عَلَيَّ وَلَا مَنْعَ وَلَا دَفْعَ يَكُونُ بِأَقْوَى مِنْ بَيِّنَةٍ مَعَ حَوْزٍ.
وَقَالَ: إنَّمَا ادَّعَى الَّذِي أَعْتَقَ أَوْ كَاتَبَ مَا هُوَ لَهُ مِلْكٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعِتْقُ بَعْدَ ثَبَاتِ الْمِلْكِ، فَالْمِلْكُ لِمَنْ يَثْبُتُ لَهُ فَكَيْفَ يُحَقِّقُ لَهُ الْعِتْقَ مَالِكٌ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمُدَّعِي: وَلَدَتْ عِنْدِي، وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ، وَاعْتَدَلَتْ الْبَيِّنَةُ، إمَّا كَانَتْ تَكُونُ فِي يَدِي الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَتَسْقُطُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَانَتْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ مِلْكًا وَالْعِتْقُ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَالِكٍ، فَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَدَتْ عِنْدَهُ وَأُعْتِقَ أَكَانَ الْعِتْقُ يُوجِبُ لَهُ مَا لَمْ يَمْلِكْ، أَرَأَيْتَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ يَمْلِكُهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَتَشْهَدُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَهُ يَمْلِكُهَا مُنْذُ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا، أَكَانَ الْعِتْقُ يُخْرِجُهَا وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مِلْكُهَا؟

.كِتَابُ الْمُكَاتَبِ:

.فِي الْمُكَاتَبِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}.

قال سَحْنُونٌ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ مِنْ آخَرِ كِتَابَتِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} إنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدًا ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخَرِ كِتَابَتِهِ تِلْكَ شَيْئًا مُسَمًّى.
قَالَ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَعَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخَرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: كَاتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ غُلَامًا يُقَالُ لَهُ شَرَفٌ، عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخَرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ نَافِعٌ أَنَّهُ أَعْطَاهُ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي وَضَعَ عَنْهُ.
سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: رُبْعُ الْكِتَابَةِ.
ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: هُوَ شَيْءٌ حَثَّ النَّاسُ عَلَيْهِ الْمَوْلَى وَغَيْرَهُ.

.الْكِتَابَةُ بِمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَغَيْرِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبْتُ عَبْدِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْغَرَرِ وَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ أَتَجُوزُ الْكِتَابَةُ أَمْ لَا؟
قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا أَوْ سُئِلَ وَأَنَا عِنْدَهُ عَنْ الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ عَلَى وُصَفَاءَ حُمْرَانٍ أَوْ سُودَانٍ وَلَا يَصِفَهُمْ.
قَالَ مَالِكٌ: يُعْطِي وَسَطًا مِنْ وُصَفَاءِ الْحُمْرَانِ وَوَسَطًا مِنْ وُصَفَاءِ السُّودَانِ مِثْلَ النِّكَاحِ، فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جَمِيعَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى قِيمَتِهِ أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبَ يُكَاتَبُ عَلَى وَصَيْفٍ أَوْ وَصِيفَيْنِ وَلَمْ يَصِفْهُمْ: إنَّهُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَوْصَى بِأَنْ يُكَاتَبَ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يُكَاتَبُ بِهِ فَإِنَّهُ يُكَاتَبُ عَلَى قَدْرِ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ مِنْ قُوَّتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ عَلَى هَذَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَةُ وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أُكَاتِبُك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: أَتَزَوَّجُكِ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ.
قَالَ: أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدِي وَلَا يُشْبِهُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ يَجُوزُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ الْغَرَرِ غَيْرَ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلَا يُشْبِهُ الْبُيُوعَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى لُؤْلُؤٍ لَيْسَ بِمَوْصُوفٍ.
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللُّؤْلُؤَ لَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى وَصِيفٍ مَوْصُوفٍ فَقَبَضَهُ مِنْهُ فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ أَصَابَ السَّيِّدُ بِالْوَصِيفِ عَيْبًا قَالَ: يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ وَصِيفًا مِثْلَ صِفَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ دَيْنًا يُتْبِعُهُ بِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى وَصِيفٍ مَوْصُوفٍ فَقَبَضَتْهُ، فَأَصَابَتْ بِهِ عَيْبًا أَنَّ لَهَا أَنْ تَرُدَّهُ وَتَأْخُذَ وَصِيفًا غَيْرَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهَا، فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ عَلَى طَعَامٍ ثُمَّ يُصَالِحُهُ السَّيِّدُ عَلَى دَرَاهِمَ يَتَعَجَّلُهَا مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ أَجَلِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ، وَشَكَكْتُ فِي أَنْ يَكُونَ قَالَ لِي: وَلَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ.
قَالَ: وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا كَانَ لَكَ عَلَى مُكَاتَبِكَ مِنْ كِتَابَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لِلَّذِي لَكَ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْ صِنْفِ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ يُعَجِّلُ ذَلِكَ أَوْ يُؤَخِّرُهُ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا أَنْ يَتَعَجَّلَهُ وَيُدْخِلَهُ هَهُنَا الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، فَإِذَا كَانَ هَهُنَا لِلْأَجْنَبِيِّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَهُوَ فِي الطَّعَامِ أَيْضًا إذَا بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي مَسْأَلَتِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتَبَتْ عَبْدًا لَهَا عَلَى رَقِيقٍ.
قَالَ نَافِعٌ: فَأَدْرَكْتُ أَنَا ثَلَاثَةً مِنْ الَّذِينَ أَدَّوْا فِي كِتَابَتِهِمْ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَدْرَكَنَا نَاسًا مِنْ صُلَحَاءِ قُرَيْشٍ يُكَاتِبُونَ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: هَذِهِ سُنَّةٌ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَهُمْ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ وُصَفَاءَ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ بِخَمْسَةِ وُصَفَاءَ فَقَضَى بَعْضَهُمْ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَتُوُفِّيَ وَلَهُ وَلَدٌ، قَالَا: إنْ تَرَكَ مَالًا قَضَوْا عَنْهُ وَهُمْ أَحْرَارٌ.

.(فِي الْمُكَاتَبِ يَشْتَرِطُ عَلَى سَيِّدِهِ):

فِي الْمُكَاتَبِ يَشْتَرِطُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّكَ إنْ عَجَزْتَ عَنْ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِكَ فَأَنْتَ رَقِيقٌ:
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ عَلَى مُكَاتَبِهِ: إنْ عَجَزْتَ عَنْ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِك فَأَنْتَ رَقِيقٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ عَجَزَ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ عَاجِزًا إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِنُجُومِهِ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ وَإِلَّا فَلَا كِتَابَةَ لَهُ.
قَالَ: لَيْسَ مَحْوُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ بِيَدِ السَّيِّدِ بِمَا شَرَطَ، وَيُتَلَوَّمُ لِلْمُكَاتَبِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْقُطَاعَةُ مِثْلُهُ يُتَلَوَّمُ لَهُ أَيْضًا وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ أَيْضًا عَتَقَ.
قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: يُتَلَوَّمُ لَهُ أَلَيْسَ ذَلِكَ يُجْعَلُ قَرِيبًا مِنْ الْأَجَلِ؟
قَالَ: ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ السُّلْطَانِ، فَمِنْ الْعَبِيدِ مَنْ يُرْجَى لَهُ إذَا تُلُوِّمَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُرْجَى لَهُ، فَهَذَا كُلُّهُ يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضًا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ عِيسَى الدُّؤَلِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ بِمُكَاتَبٍ لَهُ قَدْ أَخْنَى بِبَعْضِ شُرُوطِهِ الَّتِي اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: خُذْهُ فَهُوَ عَبْدُكَ، لَعَمْرِي مَا يَشْتَرِطُ النَّاسُ إلَّا لِتَنْفَعهُمْ شُرُوطُهُمْ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ أَحَقُّ بِشُرُوطِهِ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ رَدِّ كِتَابَتِهِ وَمَا أَخَذَ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ طَيِّبٌ إنْ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُوَفِّ لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَخَالَفَ إلَى شَيْءٍ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَالَ: وَالْمُكَاتَبُ عِنْدِي عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ،
عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ أَفَتَأْذَنُ لِي فَأَكْتُبُهَا. قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا كَتَبَ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَتَبَ كِتَابًا إلَى أَهْلِ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ، وَلَا بَيْعٍ وَلَا سَلَفٍ جَمِيعًا، وَلَا بَيْعٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَمَنْ كَاتَبَ مُكَاتِبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا كُلَّهَا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَقَضَاهَا كُلَّهَا إلَّا أُوقِيَّةً وَاحِدَةً فَهُوَ عَبْدٌ».
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ إلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُهُ.
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ بِذَلِكَ وَقَالَ: لِمَوْلَاهُ شَرْطُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ وَسُلَيْمَانَ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إنْ كَانَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ لَيَكُونُ لِبَعْضِهِنَّ الْمُكَاتَبُ فَتَكْشِفُ لَهُ الْحِجَابَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، فَإِذَا قَضَاهُ أَرْخَيْنَهُ دُونَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُوا: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ إنْ أَصَابَ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، وَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ، وَلَا يَرِثُ الْمُكَاتَبُ وَلَدَ حُرٍّ وَلَا غَيْرَهُ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، وَسَيِّدُهُ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ: يَعْجَزُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ يَسِيرٌ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: نَرَى أَنْ يَتَرَفَّقَ بِهِ وَيُيَسِّرَ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْذَرَ فِي شَأْنِهِ، فَإِنْ ضَعُفَ فَلَا يُؤَدِّي شَيْئًا، وَلَا نَرَاهُ إلَّا عَبْدًا إذَا لَمْ يُؤَدِّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَدْ قَالَ رَبِيعَةُ: مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى كِتَابَةٍ فَلَا يُعْتِقُ إلَّا بِأَدَائِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أَدَّى إلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ مِنْ الرِّقِّ الَّتِي كَانَ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ سَيِّدُهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ مَالًا إذَا عَجَزَ، وَإِنْ مَا بَقِيَ مَالٌ لَهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ الْعَبْدَ بِمَا شَرَطَ مِنْ أَدَاءِ الْمَالِ كُلِّهِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الْمُكَاتَبِ يَعْجَزُ أَيُرَدُّ عَبْدًا؟
فَقَالَ: لِسَيِّدِهِ الشَّرْطُ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ قَالَ: شَهِدْتُ شُرَيْحًا رَدَّ مُكَاتَبًا فِي الرِّقِّ عَجَزَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ صَائِغًا عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَغُلَامٌ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ فَأَدَّى الْعِشْرِينَ الْأَلْفَ وَلَمْ يَجِدْ غُلَامًا يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَاصَمَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا أَجِدُ مَنْ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِي، فَقَضَى عُمَرُ عَلَى الْغُلَامِ، فَأَعْتَقَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ عُمَرُ.